- «اشتـم» تصبـح مشهـورا وتقبـض بالملايـين ويهـرول نحـوك الجميـع! - سـيـاسـة «الاحـتـواء السيـاسـي» فـاشـلـة، جـربهـا السـادات فقتـلوه - «أهـل الخـبرة» يلعقون جراحهم و«أهل الشلـة» يصعـدون كالصـاروخ
- المسلسلات تسابق السينما في ماراثون العشوائيات والمخدرات والدعارة والبلطجة - ماذا يحدث إذا نجح «مليارديرات الهدم» في شراء الصحف القومية؟ - الإعـلام الـخـاص لـه دور وإعـلام الـدولـة لـه دور.. فلـمـاذا الخـلـط؟
- «الدوي علي الودان أمر من السحر» في زمن الشعارات الكاذبة - مصر فيها أشياء جميلة وبشر رائعون، مصيرهم التعتيم والتجاهل المناخ يرسخ ثقافة الابتزاز ويصيب الأجيال الجديدة بصدمة
- المسلسلات تسابق السينما في ماراثون العشوائيات والمخدرات والدعارة والبلطجة - ماذا يحدث إذا نجح «مليارديرات الهدم» في شراء الصحف القومية؟ - الإعـلام الـخـاص لـه دور وإعـلام الـدولـة لـه دور.. فلـمـاذا الخـلـط؟
- «الدوي علي الودان أمر من السحر» في زمن الشعارات الكاذبة - مصر فيها أشياء جميلة وبشر رائعون، مصيرهم التعتيم والتجاهل المناخ يرسخ ثقافة الابتزاز ويصيب الأجيال الجديدة بصدمة
المنافسة بين الفضائيات ليست هي أن تجمع كل المعارضين للدولة في برامج التوك شو، وأن تفتح لهم خزائن «علي بابا» وتمنحهم الملايين، فلم يثبت في يوم من الأيام أن الفلوس يمكن أن تحتوي النفوس، ولكنها تفتح الطريق نحو فساد لانهاية له، لأن السحر غالباً ما ينقلب علي الساحر.
أقول هذا بمناسبة ما أقرأه كل يوم بأن بورصة المذيعين تشهد الآن حراكاً رهيباً لجذب نجوم الصخب الإعلامي ليقدموا برامج جديدة، بهدف «الاحتواء» وسحب السجادة من تحت أقدام بعضهم البعض، ولكن إذا كان ذلك صحيحاً - وأتمني ألا يكون - فلن تجد سجادة ولا أقداما.
أولاً: لأن ذلك يرسخ ثقافة الابتزاز، ويعطي القدوة والنموذج والمثل للأجيال الجديدة بأن هذا هو الطريق «اشتم تجنِ الثمار»، ويصيب الأجيال الجديدة بالصدمة والبلبلة .
ثانياً: لأن التليفزيون المصري.. مثلاً، ليس في استطاعته مادياً ولا معنوياً أن يصمد في هذا السباق الرهيب.. «الولاء لمن يدفع أكثر».. مع وجود فضائيات خاصة تنفق بالملايين، وليس لها سقف ولا محاذير.
ثالثاً: لأن إعلام القطاع الخاص له دور وإعلام الدولة له دور مختلف تماماً، فإذا خطف «هذا» دور «ذاك»، فسوف ننتقل من عصر «الفوضي الإعلامية» إلي زمن «القرصنة الإعلامية».
رابعاً: لأن تجاربنا مع «الاحتواء السياسي» قاسية ومريرة .. وتذكروا «السادات» الذي حاول أن يحتوي خصومه فقتلوه في المنصة، وكادت مصر أن تضيع لولا عناية الله.
--
أهل الثقة .. الخبرة .. الشلة !
رحم الله نظرية «أهل الثقة» التي كنا نتندر عليها، عندما يصعد الذين يجيدون «مسح الجوخ» إلي قمة الوظائف والمناصب، تاركين وراءهم «أهل الخبرة» يلعقون جراح كفاءتهم وعلمهم وتميزهم .. فنحن الآن أمام نظرية جديدة اسمها «أهل الشلة».
انظر حولك وأمامك وخلفك، سوف تجد مجموعات من الشلل تنتشر وتتغلغل وتسيطر، خصوصاً في «الأماكن الطرية» والوظائف المرموقة حتي في الوزارات التي يطلقون عليها مجازاً الخليجية «التي تمنح رواتب أعلي من الخليج» .. ولو حددتها بالاسم فسوف يغضب مني نصف دستة وزراء،
استخاروا واختاروا أعضاء شلتهم ومنحوهم «وش القفص» ومرتبات ومنحاً ومزايا ولا في الكويت.
من الممكن أن تحقق الهيئات العامة أرباحاً ومكاسب كبيرة، ولكن هذه الأموال ملك للدولة ويجب أن تذهب إلي خزانة الدولة لتنفق منها علي أعبائها الكبيرة، لا أن يتم توزيعها بطريقة الغنائم، وإذا كان «طباخ السم بيدوقه»، فيمكن أن يوزع جزءاً من الأرباح وليس معظمها.
التفاوت أصبح رهيباً في الأجور بين أهل الشلة في أعلي السلم وبقية الموظفين في القاع.. من الممكن أن يكون الفارق عشرة أضعاف أو خمسة عشر، ولكن مائة ضعف أو أكثر .. فهذا هو «الفساد باستمارة» ويسري هذا الداء بشدة في «إعلام الشوشرة».. عام وخاص.
--
--
الحصار المادي والمعنوي
إليكم المثل التالي: السيد ياسين ــ 76 سنة ــ في رأيي هو أستاذ الصحافة الآن بلا منازع .. معاشه 1500 جنيه + عقد 5000 جنيه، ويعمل 10 ساعات في اليوم ليعيش حياة كريمة .. ومثله عشرات الآلاف من الخبرات والكفاءات المرموقة في كل المجالات، الذين تقل دخولهم عن واحد في المائة من دخول من هم في سن أولادهم من «أهل الشلة».. وهذا هو نموذج الحصار المادي الذي لايعترف بخبرة أو كفاءة.
أما الحصار المعنوي فهو إسدال ستائر الصمت والتجاهل الذي يفرضه «لوبي الشوشرة» علي من يختلفون معهم في الرأي، فلا تسمع أحداً يشيد بالسيد ياسين ــ مثلاً ــ أو ينقل أفكاره أو يطبل له، مثلما يفعلون مع بعضهم البعض، رغم أن خبراتهم وأعمارهم المهنية لا تصل إلي نصف هذا الرجل .
لماذا التعتيم ؟..
لأن السيد ياسين وفريقاً آخر كبيراً مثله يدافع بضراوة عن التنوير، ويقف ضد الجماعة المحظورة، ويهاجم التشكيك، ويري أن في مصر أشياءً إيجابية تستحق تسليط الأضواء عليها، ولا يعترف بكُتَّاب «القهاوي» في الصحف الخاصة الذين يسنّون أقلامهم مثل السكاكين لطعن الناس، ويخاف علي مستقبل مصر من الفوضي ومن دعاوي الفوضويين .. ولكنه - أيضاً - مع التغيير العقلاني، وضد الفساد والإفساد الذي يمارسه رجال الأعمال في المجتمع .
التعتيم عليه لأنه جريء وحاد ويواجه ولا يخاف .. عقله منظم وكلماته تنطلق كالرصاص .. ذهنه هادئ ولا يتردد ويتحدث بقوة وإصرار .. ولو كنت مكان التليفزيون المصري لقمت بإعادة الحلقة الرائعة التي تحدث فيها في برنامج «مصر النهارده» مساء الاثنين الماضي .. صورة مشرفة للمصري الوطني الذي لايريد شيئاً من أحد، ويحب بلده في صورة من أجمل صور العشق.
--
نفوس مريضة وإبداع مزيف
نموذج آخر مختلف وراء الكاميرا هو المخرج خالد يوسف.. فقد عرض فيلمه «دكان شحاتة» علي لجنة أمنية من جهة سيادية، لأن الرقابة خافت من لقطات «الثورة العشوائية» وحرق مصر التي زج بها في الفيلم دون مبررات أو دواعٍ فنية، وكأن المقصود هو مصادرة الفيلم، لأن المكاسب التي تتحقق من وراء المصادرة أكبر بكثير من مكاسب العرض . كانت المفاجأة هي أن اللجنة الأمنية وافقت فوراً علي عرض الفيلم دون حذف لقطة واحدة منه، وقال رئيسها لأصحاب الفيلم: أنتم الآن في مدينة نصر، وعن يمينكم ويساركم مصر الجديدة والشروق والعبور والتجمع الخامس وغيرها من الأحياء السكانية التي تضارع أرقي المناطق رقيًّا، لكنكم أخذتم أسوأ منطقة وأسوأ شارع وأسوأ أسرة وأسوأ فتاة.. اخترتم نموذج البلطجي والمتطرف والمدمن والمنحرف والعانس، وقمتم بتعميم هذا التشويه علي مصر والمصريين جميعاً.
رد أحدهم: «لكن هذا النموذج موجود واقعياً» فرد المسئول الكبير: وأيضاً النماذج المشرفة موجودة في الواقع، ولكنها غير مدرجة في أجندتكم .. إنكم لا تعترفون بنصف الكوب الممتلئ.. الكوب كله فارغ.
إذن : السينما هي الأخري دخلت - أيضاً - في اللعبة، وجرت وراءها المسلسلات التليفزيونية، ليشتد الحصار حول الناس بطريقة «الدوي علي الودان» الذي هو أمر من السحر، مصر ليس فيها إلا الخراب والفساد والرشوة والدعارة والمخدرات والسلبيات .. وصور أخري مريضة ينتجها فكر الشوشرة الذي يخاصم الإبداع والسمو الفني، وقارنوا ذلك بأفلام «أبيض وأسود» زمان، التي كانت تؤرخ للمجتمع بواقعية ومصداقية .
--
العشوائيات أقصر طريق للشهرة
إذا أردت أن تكون مشهوراً وأن تحصل علي برنامج فضائي بالملايين، إذا أردت أن تختصر الزمن والمسافات، إذا أردت أن تكون ضيفاً دائماً في المنتديات السياسية والثقافية، إذا أردت أن تكون زعيماً إعلامياً.. احمل الكاميرا واذهب إلي أي منطقة عشوائية في مصر .. واترك الفلاشات تعبث بآلام وأوجاع الناس وتكبر اللقطات وتملأ بها المشهد.
عليك بالوقوف فوق عشة قذرة أو مستنقع مياه تعبث فيه الحشرات.. صوّر نفسك بجوار طفل أو طفلة صغيرة يأكل وجهها الذباب .. اذهب إلي حنفية مياه يسيل منها الصدأ .. البس «تي شيرت» وبنطلون جينز وارسم نظرات حزينة علي وجهك ونظارتك.. تألم.. توجع .. اغضب .. كشر .. اخفض نبرة صوتك وتألم أو اصطنع الحزن ثم ارفعها فجأة مثل عربات التليفريك.
اصرخ: يا مسئولين في البلد.. يا حكومة.. يا نظام، ماذا تفعلون بالناس.. أليس من حق هؤلاء أن يكونوا بشراً.. «زوم.. الكاميرا تقترب من ملامحك الغاضبة».. اصرخ بأعلي صوت: «حي علي الفقراء».
هذا هو أقصر طريق للشهرة وجني الملايين، وسوف تهرول إليك الحكومة قبل المعارضة وسوف يزدحم موبايلك بالمكالمات «رقم غير معروف»، وسوف يتلقفك ماسبيرو قبل الفضائيات الخاصة .. أما إذا كنت موضوعياً ومهنياً وتعرض الحقيقة من جميع الوجوه .. «بِلَّهَا واشرب مَيِّتْهَا»، فلن يسأل فيك أحد .. لأنك لا تمتلك أوراق اعتماد الشهرة والمجد والابتزاز.
--
الإعلام .. وإشعال الحرائق
إليكم المثل التالي: ذهب مذيع برنامج «... ...» إلي حي «...»، وارتدي عباءة القلب الشجاع المدافع عن الفقراء وعلا صوته كالكرباج يلهب ظهر الحكومة، ويحملها مسئولية المآسي التي يعيشها الناس في المنطقة وكان من المفترض - وفقاً للمهنية والحياد الإعلامي - أن يتم عرض التفاصيل كاملة عن المشكلة إلا أن المذيع زايد علي كل الهموم والمشاكل ونصب نفسه مصلحًا وثائرًا.. وعندما طلب مسئول كبير ملف هذه المنطقة.. جاءته المعلومات علي النحو التالي:
- هذه المنطقة يسكنها 7 آلاف مواطن وليس 70 ألفاً كما ذكر المذيع .. والأمانة كانت تقتضي أن يقول الرقم الحقيقي المسجل بمعرفة الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
- صدر قرار منذ عدة سنوات من مجلس الوزراء باعتبار هذه المنطقة محمية طبيعية ممنوع البناء فيها، ولكن حدثت تعديات عشوائية من الأهالي وهم يعلمون ذلك وباع لهم السماسرة الأراضي التي لا يملكونها بعلمهم ورضاهم.
- طبعًا لاتوجد معديات باعتبار المنطقة محمية طبيعية، وبالتالي يتم تسيير معديات أهالي لا تتوافر فيها شروط التسيير.
قال المسئول الكبير: كان من المفترض أن يطرح المذيع هذه الحقائق التي أغفلها، وأن يدير نقاشاً تشترك فيه كل الأطراف، ليس بأسلوب التهييج والإثارة، ولكن بموضوعية قد تؤدي إلي تقنين وضع المخالفين وإلغاء قرار المحمية الطبيعية وتوصيل المرافق والخدمات للمنطقة.. والدولة علي استعداد لقبول أي مقترحات إيجابية لحل مشاكل الناس وتخفيف المعاناة.. بدلاً من تأليبهم والمزايدة علي مشاكلهم والمتاجرة بآلامهم وهمومهم .
هذا معناه: أن إعلام الشوشرة مثل النار، التي يمكن أن تجلب الدفء أو أن تشعل الحرائق .. وكلها نار.
--
الصحافة ومليونيرات الهدد !
الفرق بين الإعلام القومي وإعلام رجال الأعمال، أن الأول يدافع عن الدولة والمجتمع ولا يبتغي تحقيق ربح أو منفعة، أما الثاني فيدافع عن مصالح «صاحب المحل»، ومستعد لأن يخوض معاركه وصراعاته .. والأدلة الدامغة كثيرة، وآخرها إشعال حرب الكراهية بين جمهور الكرة في المدرجات، ويمكن أن تكون هذه البروفة تمهيداً لصراعات أخري بين نجوم البيزنس والمال.
هذا يفسر سر الهجوم العنيف من الإعلام الخاص علي الصحافة القومية، مع وجود رغبات شيطانية لبعض رجال الأعمال ليمتلكوها ويفعلوا فيها مثل «طنطا للكتان» .. ويا فرحة مليارديرات التسقيع والهدد إذا امتلكوا - مثلا - الأهرام أو الأخبار أو روزاليوسف، وجلسوا علي كرسي هيكل ومصطفي أمين وفاطمة اليوسف.
المسرح يتم تجهيزه لذلك، ولكن الصحافة فيها رجال مازالوا مؤمنين بها ويدافعون عنها .. أما بقية وسائل الإعلام الأخري فلم تقوَ علي الصمود واستسلمت، تحت دعاوي وشعارات زائفة عن الخصخصة والتحديث والتطوير، ولم يأخذوا من هذه الأشياء إلا أسوأ ما فيها .
--
الدنيا ليست «حظوظ» بل «شلل»!
عذراً عزيزي القارئ، فالساحة الإعلامية صاخبة ومكتظة عن آخرها بمحترفي الشعارات الزائفة، والإيفيهات الخادعة والعناوين المثيرة.. مكتظة بمن يظهرون غير ما يبطنون، وبمن يذبحون المصلحة العامة بسكين المصالح الخاصة.. الساحة تضج بكل أنواع الشوشرة.
مكتظة بالمعايير المقلوبة و«الشلة» التي أصبحت قبل كل شيء.. وزمان كان المثل يقول : «اللي له ظهر مايضربش علي بطنه» والآن «اللي ملوش شلة ينضرب علي بطنه ووجهه وعفوًا قفاه»، مكتظة بأشخاص مثل «بلفور» الذي أعطي ما لا يملك لمن لا يستحق.. لم تعد الدنيا «حظوظ» بل «الدنيا شلل»، ولا تقل: ما هي خبراتك ومؤهلاتك لتكون مميزاً؟.. بل قل لي: من هي شلتك لتحصل علي الشرف الرفيع؟!
مكتظة بالمعايير المقلوبة و«الشلة» التي أصبحت قبل كل شيء.. وزمان كان المثل يقول : «اللي له ظهر مايضربش علي بطنه» والآن «اللي ملوش شلة ينضرب علي بطنه ووجهه وعفوًا قفاه»، مكتظة بأشخاص مثل «بلفور» الذي أعطي ما لا يملك لمن لا يستحق.. لم تعد الدنيا «حظوظ» بل «الدنيا شلل»، ولا تقل: ما هي خبراتك ومؤهلاتك لتكون مميزاً؟.. بل قل لي: من هي شلتك لتحصل علي الشرف الرفيع؟!
والحل ؟
أعــــود لبدايـــة المقــال، من هنـا نبــــدأ، مــن الإعــلام الذي يسيـطــر ويحكــــم ويصل بسرعة البرق إلي النـــاس، وإذا«الإعـــلام» ضـــــاع فــــلا أمـــــان .. ولا دنــيـــا لمن ..... «بلاش نـكمل».
كــرم جـــبر
كــرم جـــبر
هناك تعليق واحد:
وأنا اقرأ موضوعك تداعى فورا على خاطرى المذيع أو الصحفى ( لاأعلم) عمرو الليثى
إرسال تعليق